(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
202794 مشاهدة
موانع الحدث الأصغر

قوله: [ويحرم على المحدث الصلاة ] لحديث ابن عمر مرفوعا: لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول رواه الجماعة إلا البخاري .
[والطواف] فرضا كان أو نفلا. لقوله -صلى الله عليه وسلم- الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام رواه الشافعي .


الشرح: الدليل على تحريم الصلاة على المحدث حديث ابن عمر لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول والشاهد هو أول الحديث، وهذا الأمر مجمع عليه، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا الآية . والمراد: إذا قمتم وأنتم محدثون، فالصلاة لا تصح إلا بغسل هذه الأعضاء إذا كان الإنسان محدثا.
كذلك يحرم الطواف على المحدث لقوله -صلى الله عليه وسلم- الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله قد أباح الكلام فيه وكثير من العلماء يضعف هذا الحديث مرفوعا؛ لأن أكثر الرواة قد رووه موقوفا، فرفعه عطاء بن السائب و عطاء قد اختلط في آخر حياته، وتغير حفظه، ولكن رواه عنه سفيان الثوري وهو ممن روى عنه قديما.
فالطواف بالبيت له حرمته، وله قداسته، ولأجل ذلك لا يطوف به الإنسان إلا إذا كان متوضئا متطهرا.
فالطواف بالبيت لا يصح إلا مع رفع الحدثين- الأصغر والأكبر- وقد قال سبحانه: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ فمن تطهيره تطهر من يطوف به.
ولهذا: فالحائض- كما سيأتي- لا يحل لها الطواف بالبيت، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري .
ولما حاضت صفية -رضي الله عنها- قال -صلى الله عليه وسلم- أحابستنا هي؟ فدل على أن الحائض لا تطوف حتى تطهر.
ومما يدل على أن الطواف لا يصح إلا من المتطهرين قوله تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ فلما أمر الله بتطهير البيت للطائفين، والقائمين، والراكعين، والساجدين، دلى هذا على أن البيت يطهر، ويتطهر من يدخله.
وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أن الطواف بالبيت لا يشترط له الطهارة، ولكن حمله على هذا فتواه بجواز طواف الحائض للضرورة، ولم يجزم بذلك بل حكى هذا القول وذكر ما يدل عليه- أي أن الطهارة ليست بشرط في الطواف- وبين أن الحديث السابق الطواف بالبيت صلاة... على فرض رفعه لا يدل على اشتراط الطهارة للطواف؛ لأن المشبه ليس كالمشبه به من كل وجه، فإن الطواف يباح فيه الكلام بخلاف الصلاة، فبينهما فرق .
وعلى هذا فقول الجمهور واضح الدلالة، وهو أن الطواف لا يصح إلا بالطهارة من الحدثين.